الأحد، 3 فبراير 2013

Ingmar Bergman

 
 
 
 
يقول الناقد السويدي جان أغيد :
 
  "ربما يكمن السر في قدراته اللامحدودة في نسج أشكال عديدة من التعبير الفني والجمالي من فيلم إلى فيلم. فهو، وعلى خلاف الكثير من المخرجين السينمائيين كانت جميع أشكال الأدب والفنون الأخرى تتعايش جنبا إلى جنب في داخله، ليس كأشياء سريعة وعابرة بل مثل دقات القلب، مثل نفحات السمو التي يبلغها إنسان، إيقاع من الماضي يحدث هنا والآن في السينما، حينما تتفتح حواسنا على قصص جديدة حول الفن الصعب للحياة والإنسان."
 
 
 
 
ثمة العديد من الصور الفوتوغرافية التي تُظهر بيرجمان مع الممثلين، واضعاً على أكتافهم ذراعه الرحيمة، الحنونة، كنوع من الحماية. إنه يخلق لهم واحات دافئة وسط فوضى تصوير الفيلم. بألفةٍ ومودةٍ يوجّه لهم النصيحة أو كلمة تشجيع هادئة. بيرجمان يبني صوراً دقيقة جداً للممثلين في كل مشهد وحالة. إحساسه بالإيقاع والنبرات ولحظات الصمت لا يخذله أبداً.
 
ما يميّز علاقة إنجمار بيرجمان بممثليه هو، قبل كل شيء، الاحترام والثقة .. يبدو أنه يعرف جيداً كيف يخلق باستمرار عالماً محكماً من الأمان للممثلين أينما كانوا .
 
 
 
 
أحد أكثر وسائل تعبير بيرجمان فعاليةً هي اللقطة القريبة. هذا الاتصال القريب، الحميمي على نحو لا يصدّق، مع الآلة المحدّقة (الكاميرا) يعني الكثير من التحدي وأيضاً الكثير من الإغواء بالنسبة للممثل. حين يسمح الممثل لوجهه بأن يكون مكشوفاً ومباحاً عن قرب على الشاشة فإنه يجتاز الامتحان الأساسي والنهائي . إنها المجابهة المباشرة التي فيها لا يعود التظاهر ممكناً. هنا فقط شكل التعبير الأكثر دقةً وحذقاً، الأكثر تحفظاً، يكون فعالاً. الفوارق الدقيقة، المستترة على نحو رائع للعيون والشفاه والصوت، وكل تغيّر في التعبير الوجهي للممثل يجب أن يكون مرصوداً ومراقباً بقصد التكبير الذي سوف يخلقه جهاز العرض السينمائي..
 
 
 
 
 
كاميرا بيرجمان الموضوعة أمام وجه الممثل تكون أشبه بمرآة للروح. من منا لم ينطبع في ذاكرته وجه أنجريد ثولين المفعم بالعاطفة في "ضوء الشتاء" والذي يذكّرنا بالفرص المهمَلة ووخزات حب تعرّض للخيانة؟ أو يأس ليف أولمان حين تتذكر، بتفاصيل رهيبة، موت زوجها وابنها الصغير في "عاطفة أنّا"؟ أو انفجار بيبي أندرسون الأكثر يأساً وتحدياً في "برسونا"؟ أو مواجهات أنجريد بيرجمان المروعة والصادمة مع ذاتها الباطنية في "سوناتا الخريف"؟
 
الصور المديدة، المتواصلة، الثابتة، لهذه الوجوه التي تبدو موسومة بثورات داخلية عنيفة وضارية، لا تبدو جامدة – بالرغم من بساطتها – إنما طبيعية محضة. إنها تثير عدداً وافراً من الأفكار والرغبات والصور الذهنية.
 
 
 
 
هناك الكثير من الأشياء هي من المؤثرات في حياة برجمان. أظهر هذا المسرحي كل هذا القلق الوجودي في سينماه, هذا القلق الذي يُظهره تشاؤماً و رعباً لا يظهره كروح بشعة, لأن الفيلم الذي يخرجه كالحلم .. كالموسيقى, له القدرة على النفاذ إلى ما وراء الإدراك العادي وملامسة العواطف في أعماق الروح.




اللون الكحلي :  ترجمة لمقالة نشرها المخرج والناقد السويدي ستيج بيوركمان في مجلة "شابلن" السويدية )

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق